قال التنبكتي: جمع فيها فروعا حسنة
تضمن كتاب المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة مادة فقهية علمية غنية، التقطها المؤلف ـ رحمه الله ـ من كتب طالعها، ودروس حضرها، وكتب ورثها، وأراد أن يكون كتابه هذا تذكرة يرجع إليها، فالكتاب في أصله أشبه ما يكون بمجموعة من البطائق والجذاذات، ضُمَّ بعضها إلى بعض لتُكون مجلدا لطيفا، فيه من المسائل الفقهية وأجوبتها والفوائد والمواعظ ما يجد فيه الطالب بغيته.
ومجموع المواد التي أودعها المؤلف كتابه نحو سبعمائة، منها مسائل كثيرة في فقه الصلاة، وبعض مسائل فقه الزكاة، والصيام، والحج، وبعضها يجمع هذه الأركان. كما أخذت مسائل النكاح و البيوع حيزاً كبيراً من الكتاب، ومن المسائل أيضا ما يتعلق بفقه الوقف والشفعة، وأبواب القضاء والشهادات والدعاوى، والحدود والعقوبات، وأورد ابن فرحون في هذا الكتاب عدداً من الأشباه والنظائر في أبواب مختلفة، واعتنى بذكر الحدود اللغوية والاصطلاحية.
ونثر المؤلف مواد كتابه بحسب ما اتفق كما قرّره في المقدمة، مما جعل المسائل المتعلقة بالموضوع الواحد متفرقة هنا وهناك. ومما يستحق التنويه أمانة المؤلف في النقل، ودقته في التوثيق؛ فإنه غالبا ما يسمي مصادره في نهاية كل مسألة، ويلاحظ عنايته بفصل المسائل بعضها عن بعض، ووضعه عناوين لكل مسألة من قبيل: مسألة – موعظة – حكمة – فائدة.
واعتمد المؤلف في جمع محتويات كتابه على عدد من المصادر تقارب 120 مصنفا، من كتب التفسير، والحديث وشروحه، والفقه، والأحكام، والفتاوى، والوثائق، والتاريخ، إضافة إلى ما تلقاه من أفواه الشيوخ، ولم يكن اعتماده على هذه المصادر بدرجة واحدة، فهو يكثر الاعتماد على كتب الفقه، خاصة كتب الوثائق والأحكام والفتاوى، وبالأخص كتب أبيه القاضي برهان الدين ابن فرحون، كالتبصرة، وتسهيل المهمات، وكتب ابن رشد، وطائفة من تآليف الحافظ ابن عبد البر. ووقوف المؤلف على هذا الكم من أمات المصنفات دال على تبحره، وسعة اطلاعه، وتنوع مداركه.
ولأهمية هذا الكتاب وما تميز به من جودة الانتقاء، وحسن الالتقاط فإنه صار موردا للعلماء ينهلون منه، ويحرصون على النقل عنه، ويكفي أن الحطاب (ت954هـ) نقل عن المؤلف كثيرا في كتابه مواهب الجليل، الذي صرّح فيه به وبالنقل عنه أكثر من 110مرة، وكتاب المواهب كما هو معلوم من أحسن شروح مختصر خليل في الجمع والتحصيل. كما نقل عنه الشيخ عليش (ت1299هـ) في مواضع متفرقة من كتابه منح الجليل، ونقل عنه غيرهما.
وقد انتبه العلامة أحمد بن المعطي بن محمد بن البطاحي الشرقي القوري ـ رحمه الله ـ إلى كون الكتاب ناقص الترتيب لمسائله، وأنه يحتاج إلى ضم ما يدخل تحت الباب الواحد في الموضع الواحد؛ لتكون الإفادة منه أسهل وأشمل، فرتّبه وفقا لذلك في كتاب سمّـاه: «الوسائل المنوطة بترتيب المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة».
ولم يرق إخراج الكتاب في صورته الحالية إلى المطلوب، ذلك أن طبعته تفتقر إلى كثير من الأسس التي جرى عليها عمل الباحثين في تحقيق الأعمال العلمية/ منقول الرابطة المحمدية بتصرف.
ــــــــــ
مواد للتحميل:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق