بسم الله الرحمن الرحيم - رب أنعمت فزد- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : فهذا موقع جامع شامل مفيد - إن شاء الله تعالى - حاولنا فيه عرض تراث السادة الفقهاء المالكية - رحم الله أمواتهم وحفظ أحيائهم - من كتب تفسير , وحديث , وفقه , وفتاوى , ونوازل, وتاريخ , وأدب...وغير ذلك مما أثروا به المكتبة العربية والإسلامية عبر خمسة عشر قرنا , مع التعريف والتنبيه على مخطوطه , ومطبوعه , ومفقوده, معروضة مواضيعه ومادته حسب القرون , والفنون , ليسهل تناولها , والوصول إليها , راجين من الله تعالى أن ينفع به طلبة العلم الشريف في مشارق الارض ومغاربها خاصة , والمسلمين عامة , وسائلين منه تعالى التوفيق والسداد والهداية إلى سبيل الرشاد, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي عفا الله وغفر له ولوالديه آمين

الأحد، 26 يوليو 2009

تفسير ابن عرفة الورغمي / * و ط

تفسير ابن عرفة وهو الإمام الفاضل أبو عبد الله محمد بن عرفة المالكي التونسي (ت 803 هـ) رواه عنه تلميذه أبي العباس أحمد بن محمد البسيلي (ت 830) , جمع ما حفظه عنه أو عن بعض حذاق طلبته زيادة على كلام المفسر
أوله: قال سيدنا وبركتنا الشيخ الفقيه العالم العلامة عز الأنام الحبر الهمام الصدر المحقق فريد دهره ووحيد عصره أبو عبد الله محمد بن عرفة المالكي : علم التفسير القول في حقيقته ، وموضوعه ، ودليله ، وفائدته ، واستمداده ، وحكمه .
طبع في مركز البحوث بالكلية الزيتونية تونس الطبعة الأولى 1986 م تحقيق : د. حسن المناعي , ثم في دار الكتب العلمية بيروت في 4 مجلدات
و صدر كتاب :نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد البسيلي التونسي ضمن منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية الطبعة الأولى 1429هـ , بذيله : تكملة النكت لابن غازي العثماني المكناسي المتوفى سنة 919هـ . في ثلاثة أجزاء ، بتقديم وتحقيق الأستاذ محمد الطبران
وقد أخذ مؤلفه أبو العباس البسيلي مادة كتابه هذا من مجالس التفسير لأستاذه شيخ الإسلام بأفريقية أبي عبدالله محمد بن عرفة الورغمي التونسي المتوفى سنة 803هـ ، وزاد عليه ثم اختصره حسبما ذكر في مقدمته . ثم انقطع اختصاره عند سورة الصف ، فانبرى لإكماله بعده أبو عبدالله محمد بن غازي العثماني المكناسي ثم الفاسي المتوفى سنة 919هـ .
تفسير ابن عرفة / بقلم فضيلة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور

في حين اصطبغت الدراسة في الشرق الإسلامي بصبغة البحث الشكلي، والتحليل اللفظي واتجهت إلى صياغة التأليف والتحرير، فولت وجهها شطرها واتخذت مناهج المؤلفين وعباراتهم مواضيع للبحث ومواد للتقرير. وتكيفت صناعة التأليف بما اقتضته تلك المناهج حتى شاع فيها الاختصار، والتزمت دقة التحرير، وصار الكتاب الواحد غير صالح للاستقلال بذاته في الدراسة حتى يرجع به إلى أصوله التي منها استقى ليتبين كيف اندرجت المعاني المشروحة المبسوطة في تلك القوالب المختصرة المكتفية بالإشارة عن العبارة.
في ذلك الحين كانت بلاد المغرب العربي متمسكة في التدريس بطريقة البحث الموضوعي والتحليل العنصري، متجهة في التأليف وجهة الشرح والبسط غير آبهة لطريقة البحث اللفظي ولا ملتفتة في التأليف إلى المختصرات التي قامت فيها الإشارات مقام العبارات، فكانت الدروس التي حفلت بها المدارس بطرابلس، وتونس، وقسنطينة، وبجاية، وتلمسان، ومراكش، وفاس، وسلا، ومالقة، وغرناطة، في القرن الثامن، دروسا تختلف في منهجها ومادتها وأسلوبها عن الدروس التي كانت تذخر بها في ذلك القرن الثامن نفسه مدارس البلاد الشرقية، وخاصة المدارس الأعجمية بأصبهان، وشيراز، وكرمان، وهراة، وكابل، وسمرقند، وبخارى، وسرخس، واستراباد، أو المدارس الهندية في لاهور، وسيالكوت ولكنو، ودلهي وحيدر آباد، وبلكرام وقيزوج، أو المدارس الحديثة الظهور يومئذ في البلاد الرامية العثمانية من أدرنة وتفغنيسا، وكوتاهية وقونية وأنقرة وقسطمولي وسيواس.
فكان منهج التدريس الشرقي شرحا للكتب وتقريرا وتعليقا. وكان منهج التدريس المغربي دراسة للعلوم وبحثا وإملاء، وكانت بلاد الشرق العربي ملتقى لهذين المنهجين يتناظران بها حول الجامع الأزهر الشريف متجها أحدهما إلى الضفة الشرقية لوادي النيل ومتجها الآخر إلى الضفة الغربية له.
فلا عجب إذا رأينا تفسير البيضاوي يشتهر ويسمو، ويجر وراء اشتهاره وانتشاره انتشارا جديدا لتفسير الكشاف، أن نرى منهج دراسة التفسير في البلاد المغربية وخاصة بتونس منهجا غير متكيف بما ينسجم مع الخصائص التي أشاعت تفسير البيضاوي ونفخت في شهرته ودفعت إلى الإقبال عليه. فنجد دراسة التفسير بتونس سائرة على منهج الإملاء لا على منهج التقرير، وذلك منهج غير الذي وضع عليه تفسير البيضاوي ومثله من الكتب المحررة بالاختصار.
ونجد العامل الذي رجح عند الدارسين الشرقيين تفسير الكشاف باعتباره مادة لدراسة البيضاوي حتى اشتهر كشاف الزمخشري شهرة غطى بها على ما عداه من كتب التفسير عاملا غير متوفر في مدارس تونس، وغيرها من المدارس المغربيات، وهي التي كانت تجد كلها القدوة العظمى والمثل الأسمى في إمام التفسير والشريعة وفنون الحكمة الإسلامية الشيخ أبي عبد الله محمد بن عرفة الورغمي المتوفى بتونس سنة 803هـ .
فقد كان الناس في ذلك القرن الثامن الذي ملأه صيت ابن عرفة يشدون الرحلة من البلاد الأندلسية والبلاد الليبية وما بينهما من الأقطار الضاربة إلى البلاد السودانية وراء الصحراء الكبرى ليتتلمذوا لابن عرفة بتونس ويتخرجوا عليه. وكان ابن عرفة من منتصف القرن الثامن منتصبا لتدريس التفسير إلى نهاية القرن ونهاية حياته هو. فكان ابن عرفة طيلة نصف قرن أو أكثر غير منقطع عن درس التفسير كلما أنهى ختمة منه أعاد ختمة جديدة. وكانت أفواج الطلبة المتخرجة بين يديه في ذلك الدرس أجيالا متعاقبة متتالية كلما تخرجت منها طبقة، فانتشرت تبث العلم في أرجاء البلاد المغربية أقبلت طبقة بعدها ترتوي كما ارتوت سابقتها من ذلك المنهل الفياض الذي لا يجف نبعه ولا ينقطع معينه.
وكان ابن عرفة يسلك مسلك الجمع والتحليل والإملاء، فتتلى الآية أو الآيات بين يديه، ثم يأخذ معناها بتحليل التركيب، وإيراد كلام أئمة اللغة أو النحو على معاني المفردات ومفاد التراكيب منشدا على ذلك الشواهد وموردا الأمثال والأحاديث. ويهتم بالتخريج والتأويل حتى تتضح دلالة الآية مستقيمة على المعنى الذي يتعلق به، ويرد ما عسى أن يكون قد وقع من تخريج بعيد أو تأويل غير مقبول بتطبيق القواعد اللغوية والنكت البلاغية أو بإثارة ما يتعلق بالمفاد من مباحث أصولية ترجع إلى أصول الدين أو أصول الفقه، جاعلا عمدته في هذه المباحث تفسير ابن عطية غير معرض عن تفسير الكشاف، فيعتبر كلام ابن عطية حاصلا بين أيدي مستمعيه ليسايره أو يرده. ويورد كلام الزمخشري كلما تعلق قصده بإيراده لنقل أو استدلال أو دحض، ويكثر إيراد الآراء والمذاهب عن العلماء في كل مسألة بحسبها من أئمة المذاهب أو المتكلمين أو رجال الأصول لاسيما أصحابه الأدنون في طريقته النظرية مثل: عز الدين بن عبد السلام، والإمام الرازي، والقاضي عياض، والقاضي ابن العربي، والإمام المازري. وكان يفتح المجال في إلقائه للبحث والسؤال. وكثيراً ما يعتبر سؤال واحد من طلبته مثارا لبيان عنصر من عناصر الموضوع ما كان ملتفتا إلى إثارته قبل ذلك السؤال، وهو شديد الاهتمام بأن ينتزع من الآيات ما هو من سياقها أو ليس منه بما يرجع إلى الأحكام التكليفية من مسائل الأصول ومسائل الفقه وإيراد ما يتعلق بذلك من الأنظار ومناقشتها.
وعلى هذه الطريقة تكوّن من درس ابن عرفة تفسير نفيس: حي المباحث، مستقل الأنظار، متين المباني، غزير الفوائد.
ولم يتول الشيخ ابن عرفة بنفسه كتابة هذا التفسير المتضمن خلاصة دروسه القيمة، ولكن طلبته من الأجيال المتعاقبة هم الذين اضطلعوا بذلك، فقيدوا أمالي شيخهم وفوائده حتى خرجت تفسيرا ينسب إليه، وإن لم يكن من تحرير قلمه، فلذلك يسند إليه الكلام بطريق النقل ويرمز إلى اسمه بحرف العين، وأشهر الذين عرفوا بتدوين هذا التفسير هم ثلاثة من أكابر أصحابه تونسي وجزائري ومغربي. أما التونسي فهو أكبر أصحاب ابن عرفة وأخصهم به، وهو الشيخ محمد الأبي، وأما الجزائري فهو الشيخ أحمد البسيلي، وأما المغربي فهو الشيخ أبو القاسم السلاوي. وتوجد في الخزائن المغربية والشرقية نسخ من تفسير ابن عرفة يختلف المدرجون لها في الفهارس في نسبتها إلى مؤلفيها من الثلاثة الأبي والبسيلي والسلاوي. وقد أفاد الشيخ أحمد بابا في ذيل الديباج أن أوفى تلك التقييدات إنما هو تقييد البسيلي، وأنه قد خرج من تونس إلى السودان في قصة، ومن السودان انتشرت نسخه، كما أفاد أن ما كتبه البسيلي ذو صورتين وافية ومختصرة وأن ما كتبه السلاوي كذلك.

وأما النسخ المعروفة عندنا بتونس في الخزائن العامة والخاصة فهي إما من تقييد الأبي، وإما من تقييد السلاوي؛ لأنه يفيد أن كاتبه حضر ختمات عديدة من التفسير على ابن عرفة منها ختمة سنة 757هـ . وهذا يؤيد أنه من أقدم أصحابه. وكلا الشيخين الأبي والسلاوي من أكابر أصحاب ابن عرفة، بخلاف البسيلي الذي لم يحضر درس ابن عرفة إلا في آخر حياة الشيخ سنة 785هـ كما في ذيل الديباج، وحيث اشترك الأبي والسلاوي في علو الطبقة فلم يفد ذكر ختمة سنة 757هـ ترجيح نسبته لأحدهما، واشتركا أيضا في أن لكل منهما شرحا على صحيح مسلم يسمى إكمال الإكمال. فلم يفد ما ورد في أثناء التفسير من إحالة كاتبه على شرح مسلم أن الكاتب هو الأبي أو السلاوي، وبذلك يبقي الاحتمالان في نسبة التأليف قائمين لا يظهر - لحد الآن - إن كانت نسخ تفسير ابن عرفة الموجودة مخطوطاتها بتونس هي من تحرير الأبي أو من تحرير السلاوي، إلى أن تضاف إلى هذا المبحث عناصر جديدة قد تأتينا بها نسخ أخرى من تفسير ابن عرفة تطلع علينا من الشرق أو من الغرب./ منقول من كتاب (التفسير ورجاله) للشيخ محمد الفاضل بن عاشور.

طبع في دار الكتب العلمية بيروت تحقيق جلال السيوطي 
ـــــــــــــ
مواد للتحميل:

ملف وورد / رابط1/ رابط2


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق