ونوازل القاضي عياض التي يضمها كتاب مذاهب الحكام، هي من نتاج فترة توليه خطة القضاء، قام ولده محمد بجمعها، وترتيبها، والتذييل عليها، وكان قصده في ذلك كله: هو جمع الكتاب وإخراجه، وتسهيل الاطلاع عليه، وتقريب الإفادة منه، ويظهر من خلال تتبع أبواب الكتاب، أن القاضي عياض حينما أجاب عن القضايا والمسائل المرفوعة إليه، كان حريصاً على تبيين حكم الشرع فيها، بناء على الأدلة الشرعية المعتبرة، مهتدياً بأصول مصادر المذهب المالكي، وآراء كبار شيوخه؛ كابن رشد وابن الحاج، ثم يحكم في النازلة بما يثبت عنده، أو التعليق على المسألة بحسب وقوعها متوخيا أثناء جوابه الإيجاز والاختصار، ووضوح التعبير، وسلاسة الألفاظ.
ويتلخص صنيع ولده القاضي محمد بحكم سعة اطلاعه على المسائل الفقهية، ومعرفته بمظانها، في جمعه قضايا ونوازل أبيه التي كانت متناثرة في بطائق أو جُزَازَات، ثم عنايته بوضع تذييلات عليها، يفتتحها بعبارة:«قال محمد»، بعد أن رتبها في أبواب فقهية بلغت خمسين باباً، نذكرها هنا لتقريب محتوى الكتاب وهي كما يلي: الأقضية، الشهادات، الدعاوي والأَيْمان، الحدود، الجنايات، نفي الضرر، المياه، الغائب، المريض، السفه، المديان، المفلس، السمسار، الغصب، الاستحقاق، الوصايا، الأحباس، الصدقات، الهبات، النِّحلة، المتعة، العُمرى، الإسكان، النفقة، الوديعة، الرهون، الحمالة، الوكالات، المزارعة، الشركة، القسمة، الشفعة، الصلح، الاسترعاء، الأكرية، البيوع، القيام بالعيب، الصرف، العتق، المدبر، أمهات الأولاد، النكاح، العدّة، الطلاق، الإيمان بالطلاق، الخلع، اللعان، الجنائز، الصلاة.
وعلى سبيل الإجمال، يمكن القول أن هذا الكتاب يضم بين دفتيه ذخائر فكر القضاء المالكي، ويمثل بما تضمنه من أجوبة فقهية، ما استقرت عليه الفتوى في الغرب الإسلامي على عهد القاضي عياض، وهو ما جعل فقهاء النوازل الذين أتوا بعد عياض وابنه محمد، يعتمدون عليه في أحكامهم، ومن الفقهاء والنوازليين المتقدمين الذين نقلوا عنه؛ أبو القاسم البُرْزُلي (ت841هـ) في فتاويه، والـمَوَّاق (ت897هـ) في التاج والإكليل، وأبو العباس الوَنْشَرِيسي (ت914هـ) في المعيار المعرب، والحَطَّاب (ت914هـ) في مواهب الجليل، وآخرون. / منقول الرابطة المحمدية بتصرف
ملف بدف / الكتاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق