قال عياض: كان أبو محمد إمام المالكية في وقته وقدوتهم، وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله.
طبع في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغرب ، وفي دار الغرب الإسلامي، تحقيق: الهادي حمو ومحمد أبو الأجفان.
يعد كتاب «الرسالة الفقهية» ، من أشهر وأنفس ذخائر التراث المالكي، بل المصدر الثالث في المذهب بعد الموطأ والمدونة ، والكتيب على صغر حجمه واختصاره، حوى بين دفتيه أربعة آلاف مسألة، يجب على المكلف معرفتها ولا يسعه جهلها.
أفصح المؤلف في المقدمة عن موضوع رسالته وأنه ألفها تلبية لطلب سائل فقال : فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانات مما تنطق به الألسنة، وتعتقده الأفئدة، وتعلمه الجوارح، وما يتعلق بالواجب من ذلك في السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها وشيء من الآداب منها، وجمل من أصول الفقه، وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس وطريقته.
والكتاب قد تضمن مسائل عقدية: تتعلق بما تنطق به الألسن وتعتقده الأفئدة، من واجب أمور الديانات، ومسائل فقهية من: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والنكاح والبيوع ، والوصايا، والمدبر، والمكاتب ، والشفعة، والهبة، والصدقة، والحبس، والرهن، والعارية، والوديعة، واللقطة، وأحكام الدماء، والحدود، والأقضية، والشهادات، والأطعمة، وغيرها، بالإضافة إلى بعض الآداب الشرعية.
وقد سلك المؤلف رحمه الله منجها رصينا،وأسلوبا واضحا، وجنح إلى الاختصار المفيد حتى لا يتم الإخلال بالمقصود، مجتنبا بذلك الحشو والزيادة، والاعتماد على المشهور والراجح من المذهب دون ذكر الخلاف، ولا عجب في هذا فالكتاب قد رام فيه مؤلفه تبصرة للمبتدئين.
وقد وهب الله لهذا العلق النفيس القبول بين الخاصة والعامة، فتنافسوا في اقتنائه حتى رُوي أن أول نسخة منه بيعت ببغداد في حلقة أبي بكر الأبهري بوزنها ذهبا، كما رُوي أن بعض نسخه كتبت بالذهب، وليس هذا فحسب فقد انكب عليه المعلمون والمتعلمون بالقراءة والشرح والتعليق قديما وحديثا، بحيث اعتبرها القرافي : من جملة خمسة كتب عكف عليها المالكيون شرقا وغربا، وأنشد في الثناء عليها القاضي عبد الوهاب البغدادي قائلا :
أصول أضاءت بالهدى فكأنما *** بدا لعيون الناظرين بها الرشد
وفي صدرها علم الديانة واضح *** وآداب خير الخلق ليس لها ند
وقد لقي الكتاب اهتماما بليغا أيضا من لدن المستشرقين وترجموه إلى اللغتين الانجليزية والفرنسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق