قال القاضي عياض: « له كتاب في التوسط بين مالك وابن القاسم فيما خالف فيه ابن القاسم مالكا، كتاب حسن »
طبع في مركز الإمام الثعالبي للدراسات ونشر التراث بالجزائر، ودار ابن حزم بيروت، بتحقيق د. الحسن حمدوشي، ط1/1428هـ/2007م
وقد سار المؤلف ـ رحمه الله ـ في كتابه هذا على ترتيب كتب المدونة وأبوابها، فبدأ بكتاب الطهارة، ثم الصلاة، وهكذا حتى ختم بكتاب الرجم، ويبلغ عدد الكتب التي تناولها في كتابه هذا أربعة وعشرين كتابا في فقه العبادات والمعاملات، ويندرج تحت كل باب منها مسائل خلافية فقهية تصل أحيانا إلى عدة مسائل كما في كتاب المِدْيان، وكتاب النكاح، وقد تكون واحدة فقط كما هو الشأن في كتاب الطهارة، وكتاب الصوم.
واختار المؤلف في كتابه طريقة تجمع بين النقل الصحيح، والنظر السديد، حيث يورد المسألة المختلف فيها بين مالك وابن القاسم من المدونة ثم يناقشها بعيدا عن التعصب لهذا الرأي، أو ذاك بل يُوجِّه كل قول، ويجد له مخرجا مع التماس الأدلة من الكتاب والسنة، وإن كان الجانب العقلي في الكتاب أكثرَ بروزا منه من الجانب النقلي، فهو غالبا ما يرجح أحد القولين بناء على ما توصل إليه اجتهاده، ولهذا يجد القارئ في الكتاب لغة أصولية تُقَوِّي جانب النظر والعقل المستمد من النقل، مثال ذلك: استعمال القواعد الأصولية والضوابط الفقهية مثل: «أواخر أعمال العبادات مبني على أوائلها» و«البعض ينوب عن الكل»، و«كل نص احتمل تأويلا فالاجتهاد فيه سائغ»، إلى جانب عدد من المصطلحات الأصولية والتعريفات الفقهية الموجودة في الكتاب، فيكون الكتاب بذلك من أوائل مصادر الفقه المالكي التي اعتنت بهذا الجانب، كما أنه غالبا ما يختم مناقشته بإعطاء حكمه الفصل فيها، فيقول مثلا: «وهذا القول أحوَطُ، وقول مالك أَقْيَسُ» و «وهذا القول أَقْيَسُ، وقول مالك أحْوَطُ»، أو «وكلا القولين له وجه سوى أن قول مالك أعدلهما وأعلاهما عندي والله أعلم».
وسبَك المؤلف مادة كتابه في أسلوب سهل يتلاءم مع مقصود الكتاب بعيدا عن الحشو والغموض، ولا شك أن الجُبيري وهو يؤلف كتابه كان مستحضرا للمؤلفات الفقهية المالكية قبله، إذ ينقل عن ابن عبد الحكم، وإسماعيل القاضي، وشيخه أبي بكر الأبهري، وغيرهم.
وقد وصف العلماء كتاب التوسط بالحسن والإفادة، فقال القاضي عياض:«له كتاب في التوسط بين مالك وابن القاسم فيما خالف فيه ابن القاسم مالكا، كتاب حسن»، وزاد ابن فرحون «حسن مفيد»، ولعل عدم شيوع الكتاب ومعرفته جعل العلماء لا يعولون عليه كثيرا سوى القليل منهم، أمثال ابن عبد البر الذي نقل عنه في كتاب التمهيد./ منقول الرابطة المحمدية
ــــــــــــ
مصادر ترجمتة المؤلف : تاريخ ابن الفرضي (1/410)، ترتيب المدارك (7/5)، الديباج المذهب (2/138)
دار النشر مركز الإمام الثعالبي بالجزائر، ودا ابن حزم بيروت ط/1. 1428هـ/2007م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق