صدر عن مركز الإمام الثعالبي للدراسات ونشر التراث، بتحقيق الدكتور محمد بلحسان، طَبْع وَنَشْر دار ابن حزم، الطبعة الأولى: 1428هـ/2007م.
يعد كتاب التنبيه على مبادئ التوجيه من أهم مصنفات فقه المالكية وأنفسها وأجودها، كما يعتبر وعاء من أوعية الفقه المالكي، ويؤكد هذا ما احتوى عليه الكتاب من مواضع فقهية مرتبطة بأدلتها مع بيان عللها وأصولها.
أما سبب تأليف هذا الكتاب فيفصح عنه مؤلفه الإمام ابن بشير بقوله: «... وبعد، فإنه لما انتهض إلى الطلب من لم يمارس قراءة الكتاب، ابتدأنا لهم موعداً بقصد الإيجاز والاختصار دون التطويل والتكرار، وفيه من تحرير الدلائل وتقرير المسائل ما تشوقوا إلى نقله، وضعفوا عن حمله، فرأيت أن أملي عليهم من خلاف أهل المذهب ما يحصل به للجمهور الاستقلال، منبها على أوائل التوجيه والاستدلال...»، وفي كلام ابن بشير ما يشير إلى أهمية الكتاب التي تتجلى في كونه يتضمن المسائل الخلافية في المذهب وجمعه لأقواله، سواء منها الضعيفة أو الشاذة أو الراجحة أو المشهورة، وربطه المسائل الفقهية بأدلتها وبيانه طريقة استثمار الأحكام منها.
وبالنظر إلى عنوان الكتاب نجده يُحيل على موضوعه، فهو يشتمل على قسم العبادات، يبتدئ بكتاب الطهارة، وينتهي بكتاب الزكاة، وقد سلك فيه ابن بشير مسلك الاختصار المبني على قواعد الأصول، وضمّنه ما تحتويه الدواوين المبسوطة من العلم، بعد أن نقح ولخص فصولها، وحذف حشوها، مع الإيجاز في العبارة والأسلوب الواضح، الذي لا يحتاج إلى شرح أو تبيين.
وإذا ألقينا نظرة على منهج ابن بشير في كتابه نراه يسلك طريقة الإملاء؛ سائراً في ذلك على نمط علماء إفريقية في ذلك الوقت، خصوصاً في التعليق على المدونة، بالإضافة إلى حرصه على محاذاة المدونة التي صيغت على شكل أسئلة وأجوبة، فكثيراً ما يُدارس المسائل الفقهية على شكل أجوبة يضع لها أسئلة، ويكون أسلوبه في تناول المسائل الفقهية سلساً فصيحاً، وعبارته واضحة لا غموض فيها ولا التباس، وعلى هذا المنوال سار المؤلف في معظم كتابه.
واعتمد ابن بشير على عدد من المصادر، منها التي صرح بها أو بمؤلفيها؛ كالمدونة والموطأ، وكُتب عبد الله بن وهب، وكُتب عبد الملك بن الماجشون، وكتب أصبغ بن الفرج، والواضحة لعبد الملك بن حبيب وغيرها، ومنها مصادر أبهمها ولم يصرح بها، وإنما عبر عنها بمصطلح: الأشياخ أو الشيوخ، وربما يقصد بذلك شيوخه وأساتذته والفقهاء المعاصرين له.
وتتأكد القيمة الكبرى لهذا الكتاب حينما نرى كبار علماء المالكية يعتمدون في كتبهم ويكثرون من النقل عنه، مثل القرافي (ت684هـ) في «الدخيرة»، والشيخ خليل (ت767هـ) في «التوضيح» والونشريسي (ت914هـ) في «المعيار المعرب»، والحطاب (ت954هـ) في «مواهب الجليل» في غير ما موضع... وغيرهم./ منقول الرابطة المحمدية
ــــــــــــــ
مصادر ترجمة المؤلف:
الديباج المذهب (1/233-234)، شجرة النور الزكية (1/186)، كتاب العمر (1/2/694-695)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق