بسم الله الرحمن الرحيم - رب أنعمت فزد- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : فهذا موقع جامع شامل مفيد - إن شاء الله تعالى - حاولنا فيه عرض تراث السادة الفقهاء المالكية - رحم الله أمواتهم وحفظ أحيائهم - من كتب تفسير , وحديث , وفقه , وفتاوى , ونوازل, وتاريخ , وأدب...وغير ذلك مما أثروا به المكتبة العربية والإسلامية عبر خمسة عشر قرنا , مع التعريف والتنبيه على مخطوطه , ومطبوعه , ومفقوده, معروضة مواضيعه ومادته حسب القرون , والفنون , ليسهل تناولها , والوصول إليها , راجين من الله تعالى أن ينفع به طلبة العلم الشريف في مشارق الارض ومغاربها خاصة , والمسلمين عامة , وسائلين منه تعالى التوفيق والسداد والهداية إلى سبيل الرشاد, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي عفا الله وغفر له ولوالديه آمين

السبت، 18 يوليو 2009

تهذيب المسالك، في نصرة مذهب مالك للفندلاوي / * خ

تهذيب المسالك، في نصرة مذهب مالك، على منهج العدل والانصاف، في شرح مسائل الخلاف تأليف الشيخ أبي الحجاج يوسف بن دوناس بن عيسى الفِنَدَلاَوي المغربي / ت 543هـ

قال القاضي محمد العدوي (تـ1032هـ): «كان الفندلاوي طويل المناظرة، شديد التعصب لأهل السنة»
طبع في دار النشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المغرب ـ1419هـ/1998م، دراسة وتحقيق: د. أحمد بن محمد البوشيخي. في 5 أجزاء , وطبع في مجلد واحد في دار الكتب العلمية بيروت بتحقيق
الثناء على المؤلف قال القاضي محمد العدوي (تـ1032هـ): «كان الفندلاوي طويل المناظرة، شديد التعصب لأهل السنة»
تميزت حركة التأليف في التراث الفقهي الإسلامي خلال مراحلها الأولى بالتنوع والثراء الناتجين عن الإبداع المطلق المتحرّر، وقد احتلّ التأليف في الخلاف الفقهي مرتبة عليا من بين الأصناف التي اشتهرت آنذاك، ويُعدّ كتاب «تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك» من أهم الكتب المؤلّفة في نصرة مذهب إمام أهل المدينة، وإيراد الخلاف في المسائل الفقهية بطريقة تسلك بالمخالفين منهج التوافق والإنصاف.
ومؤلّفه هو شيخ الإسلام، حجّة الدين، أبو الحجاج يوسف بن دوناس، بن عيسى الفِنْدَلاَوي المغربي المالكي، الجامع بين العلوم النقلية والعقلية، المتمسك بمذهب أهل السنة والجماعة، المجاهد، المتوفى شهيدا بالشام سنة (تـ543هـ)، يرجع نسبه إلى فِنْدَلاَوة؛ قبيلة بربرية كانت توجد بين صفرو وقرية رباط الخير ـ أهرمومو ـ على نحو 60 كلم من مدينة فاس، ارتحل إلى الحج في أوائل العشر الثانية من القرن السادس الهجري وطلب العلم هناك، وأثناء عودته اختار المقام بالشام ولقي بها عناية وتكريما، واختير شيخا للمالكية بدمشق، وتبوّأ منصب تدريس المذهب بالزاوية المالكية بالجامع الأُموي، وبالمدرسة الصلاحية، وحدّث هناك بالموطأ، والتلخيص للقابسي، وعقدَ مجالس الذكر، والوعظ، والدعوة إلى الله في بيته وخارجه، وقد كان يحضر مجالس تدريسه أكابر العلماء، أمثال: الحافظ أبو القاسم بن عساكر، ومفتي الشام أبو الحسن علي بن مسلم الشافعي، وغيرهما، وكان في دروسه ـ كما قال اليافعي ـ حَسنَ المفاكهة، لذيذ المجالسة، حُلو المحاضرة، طويل المناظرة، شديد التعصب لأهل السنة، كريمَ النفس، مُطّرحاً للتكلف، قوي القلب.
ويعود سبب تأليف الإمام الفندلاوي ـ رحمه الله ـ لكتابه: لِما رأى مِن تطاول بعض مَن لا أهلية لهم على المناظرة في زمانه، وانحرافهم بها عن هدفها إلى التعصب والعناد، والحرص على مغالبة المخالف، وميل مصنفات الخلاف إلى التطويل المُملّ الذي ينسي أوله آخره، فرغب ـ رحمه الله ـ في وضع كتاب موجز، يعوّل في بابه عليه، ويُرجع عند الملمّات إليه، فسلك في ذلك منهجا متفردا في العرض والتحليل، ومناقشة مسائل الخلاف، مع جودة الطرح، وبراعة الاستدلال والنقاش، وهو في كلّ ذلك يناقش مسائل فروع الفقه الاجتهادية المختلف فيها بين الإمام مالك، وفقهاء الأمصار عامة، وبين الإمامين أبي حنيفة، والشافعي خاصة، ولم يجعل الإمام الفندلاوي خلاف أحمد محل نقاش مستقل كأبي حنيفة والشافعي. وجعل ترتيب الكتاب على 347 مسألة خلافية، مندرجة تحت 55 كتابا في فقه العبادات والمعاملات، يندرج تحت كل كتاب مسائل خلافية بين المذاهب المذكورة، وتتفرّع بعض هذه الكتب إلى أبواب، وأحيانا إلى فصول، وقد يطول تحليل بعض المسائل فيستغرق صفحات، وقد يقصر حتى يكون صفحة أو بعض صفحة أو أقلّ، وقد استعمل المؤلّف ـ رحمه الله ـ في الاستدلال للمسائل المذكورة آيات قرآنية، وأحاديث وآثار نبوية، وقواعد فقهية، وأصولية، ولغوية، كما أورد في تحليلها انتصاراً لمذهبه، أو ردّا على مخالفه، أقوال الصحابة، والتابعين، وفقهاء الأمصار، وأئمة الحديث واللغة، في أقدم القرون والأعصار.
ولم يصرّح المؤلف بمصادره في جلّ الكتاب، إلاّ أنّ نُقوله تنبئ عن تبحّر كبير لانظير له؛ فاستدلالاته الواسعة بالأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة والتابعين تبرز إحاطته بكتب السنة، كما نجده يصرح بأسماء مجموعة كبيرة من المصنفين من مختلف المذاهب كابن حبيب، والقاضي إسماعيل، وسحنون، وابنه محمد، وابن جرير الطبري، وأبي جعفر الطحاوي، وأبي بكر الأبهري، ومحمد بن الحسن الشيباني، وغيرهم من فقهاء الأمصار، ونجده يورد من أقوالِ أئمة اللغة؛ أقوالَ أبي زكريا الفراء، وأبي العباس ثعلب، وأبي إسحاق الزجاج، وسيبويه، وابن قتيبة، وغيرهم كثير، وقد استطاع الفندلاوي ـ رحمه الله ـ توظيف هذه الثروة المعرفية الهائلة، بحنكة متجاوزة النظير.
إن من تعرّض لهذا الصنف من التأليف قليل جدا، والسبب في ذلك حاجة المؤلف فيه إلى التضلع في مختلف العلوم والمعارف مما لا نجده إلا عند المتقدّمين
وممن انبرى لمثل ذلك الإمام الجليل ابن أبي زيد القيرواني (تـ386هـ) في كتاب «الذب عن مذهب مالك»، والإمام ابن الفخار القرطبي (تـ416هـ) في كتاب «الانتصار لمذهب أهل المدينة»، وما ضمّنه بعض الفقهاء في مصنفاتهم الواسعة، كابن عبد البر، وابن رشد، وغيرهما.
ونشير في الأخير إلى أن الكتاب قد حظي بعناية خاصة من لدن محققه المقتدر الدكتور أحمد بن محمد البوشيخي، الذي امتد عمله فيه طيلة مرحلة الماجستير والدكتوراه على نسخة خطية وحيدة تحتفظ بها مكتبة الزاوية الحمزية بناحية الرشيدية، ثم صدر ضمن منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب في خمسة أجزاء، سنة 1419هـ/1998م، ثم أعيد طبعه مؤخرا عن دار الغرب الإسلايم/ منقول الرابطة المحدمدية .
ــــــــــــ
مصادر ترجمة المؤلف : تبيين كذب المفتري (173)، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي (8/121)، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (28/80)

ــــــــــــ

مواد للتحميل :
مخطوط / مصدر : الزاوية الحمزاوية بالمغرب/ عدد الأوراق : 130 / صور مفردة / التحميل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق