طبع في دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث بدبي، بتحقيق د. محمد الأمين ولد محمد سالم ابن الشيخ، ظهر الجزء الأول سنة 1420هـ/ 1999م، ثم ظهرت الأجزاء الثلاثة الأخرى سنة 1423هـ/2002م عن نفس الدار، ولنفس المحقق, ثم طبع ثانيا في دار الكتب العلمية بيروت 2006 بتحقيق: أحمد فريد المزيدي في مجلدين
يعد كتاب التهذيب في اختصار المدونة لأبي سعيد خلف بن أبي القاسم محمد الأزدي القيرواني الشهير بالبراذعي(ت438هـ) من أهم المختصرات لكتاب المدونة، قصد فيه مؤلفه تيسير فهم المدونة وتسهيل حفظها وتدريسها، فعمد إلى اختصارها وتقريب مسائلها.
ويكتسب هذا الكتاب أهميته من أمرين:
* أولهما كونه اختصارا للمدونة التي هي عمدة المذهب، وديوان أقوال الإمام مالك، وقيمتها لا تخفى في الفقه المالكي.
* وثانيهما حسن صنيع البراذعي في التهذيب والاختصار.
وكان السبب الذي دعا البراذعي إلى هذا التأليف أن ابن أبي زيد اختصر المدونة ليسهل تدارسها، وزاد في مختصره زيادات من الأمهات الأخرى، فامتنع الطلبة من درسه لما فيه من الزيادات، فبلغ ذلك أبا سعيد فاختصرها وهذبها دون أن يزيد فيها كما صنع ابن أبي زيد رحمه الله.
وأفصح البراذعي عن منهجه في تهذيب المدونة والمقصد الذي يهدف إليه فقال في مقدمة كتابه: «واعتمدت فيها على الإيجاز والاختصار، دون البسط والانتشار، ليكون ذلك أدعى لنشاط الدارس، وأسرع لفهمه، وعُدّة لتذكره».
وتهذيب البراذعي لم يكن من تلك المختصرات المخلة التي عِيب عليها صعوبة حل ألفاظها، مما استوجب جهدا في فهمها فجاءت على نقيض قصد مصنفيها، بل اتسم اختصاره ـ رحمه الله ـ بسلاسة اللفظ مع وضوح الفكرة وشمولها، وقد عمد إلى حذف الأسئلة، والأسانيد، وكثير من الآثار التي تضمنتها المدونة، مما يرى أن في ذكره تطويلا، إلا ما تدعو الضرورة إلى بقائه، مع التزام حرفي لنص المدونة فجاءت مسائل الكتاب مختصرة، مركزة، منظمة في تسلسلها، مرتبة في أفكارها، ترتيبا منطقيا يجمع شتات القضية الواحدة.
وقد كانت مسائل المدونة متناثرة غير مرتبة فجعلها على الولاء بحسب اتصال بعضها ببعض، فربما قدم ما هو مؤخر في الأصل، وربما أخر ما هو مقدم، واستقصى في كل كتاب مسائله إلا ما تكرر من المسائل فإنه يحذف المكرر منه، وفي ذلك يقول: «وجعلت مسائلها على الولاء حسب ما هي في الأمهات إلا شيئا يسيرا ربما قدّمته أو أخّرته، واستقصيت مسائل كل كتاب فيه خلا ما تكرر من مسائله، أو ذكر منها في غيره فإني تركته»، وعلى عكس ما فعل ابن أبي زيد فإن البراذعي اقتصر على مسائل المدونة والمختلطة دون أن يضيف إليها غيرها من مسائل الأمهات الأخرى، وقد نص على ذلك أيضا بقوله: «قصدت فيه إلى تهذيب مسائل المدونة والمختلطة خاصة دون غيرها»، هذا مع اعتنائه بتصحيح المدونة وروايتها بسند متصل إلى سحنون.
وقد اشتمل كتاب التهذيب على مقدمة وخمسة وثمانين كتابا أولها كتاب الطهارة، وآخرها كتاب الديات.
واعتنى العلماء بالنقل عن كتاب التهذيب، فنقل عنه القاضي عياض في «التنبيهات»، وأبو الحسن علي بن سعيد الرجراجي (من علماء القرن السابع ) في «مناهج التحصيل»، والحطاب(ت954هـ) في «مواهب الجليل» في غير ما موضع... وغيرهم، كما تمثلت عناية العلماء به أيضا في تصدي كثير منهم لشرحه، من أمثال: عبد الرحمن بن محرز الإفريقي القيرواني (ت405هـ)، وأبي محمد بن عبد الله بن إسماعيل الإشبيلي (ت 497هـ)، وأبي الفضل قاسم بن عيسى بن ناجي القيرواني (ت839هـ) الذي له عليها شرحان؛ كبير وصغير، إلى غير ذلك من الشروح والتعاليق./ منقول الرابطة المحمدية
مصادر ترجمة المؤلف : ترتيب المدارك: 7/256، معالم الإيمان: 3/146، الديباج المذهب: 1/305.
ــــــ
مواد للتحميل:
المجلد1 / المجلد2 / المجلد3 / المجلد4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق